الحكاية الأولى: حكاوي من الزمن اللي فات

التاريخ: السبت، 1 ديسمبر 2012.
المكان: شارعُ المُعز لدين الله الفَاطمي - بالقُرب من مجموعة السلطان المنصور قلاوون و مُتحف النسيج المصري.

يمكن لأنه أول مكان أكتشف فيه أنه "يجي مني في موضوع التصوير" من حوالى سنتين؟.. أو يمكن لأن اللخبطة كلها بدأت منه؟ جائز!

أول مرة رُحت المعز كنت مبهورة جداً بالإبداع المعماري للمباني هناك. وقتها كانت قناعتي ومعلوماتي إن "عصور" الامبراطورية الاسلامية هي أعظم حضارة في العالم... 

بعد عدة شهور، قرأت كتاب (مصر من تاني) لـمحمود السعدني، وكتاب (حكايات من دفتر الوطن) لـصلاح عيسى، وقتها كل معلوماتي وأفكاري وقناعتي اتقلبت و اتلخبطت! وابتدت لعبة التساؤل عن كل المسلمات تأخذ شكل جدي أكثر من الأول.

على سبيل المثال، كيف للفاطميين أن يفرضوا المذهب الشيعي على الدولة، وفي نفس الوقت لم يتأثر بهم الشعب؟! ومع ذلك، نفس الشعب تأثر ببعض العادات التى اخترعها الفاطميون، ومازالوا يمارسونها حتى هذه اللحظة؟ 

كيف للأزهر أن يكون أُنشئ خصيصاً لنشر المذهب الشيعي، ثم يكون بعد ذلك مركز المذهب السُني الأول في العالم؟! 

كيف أصلاً تكون الأحوال السياسية و شئون الحكم تتسم بالفساد والظلم في أغلب فترات الامبراطورية الاسلامية، بدأً من العصر الأموي حتي هذه اللحظة، إلا أن الأحوال العلمية والفنية والثقافية كانت مزدهرة ومتقدمة جداً في أغلب الفترات؟؟؟!

كيف للمماليك، الذي اتسم عصرهم بالفساد السياسي والصراع على السلطة والحكم، ببناء تحف معمارية كـمسجد المؤيد شيخ و مسجد السلطان الظاهر برقوق؟! نفس السؤال يتكرر في العهد الفاطمي و مسجد الحاكم بأمر الله!

محاولة فهم الماضي، تمتد أيضاً للحاضر. و أسئلة أخرى تفرض نفسها، مثل: لماذا أصبح مرور القاهرة بعد الثورة أخٌ توأم للمرور في عشش الدجاج؟؟ لماذا لم يعد أحد من رُكاب الميكروباص يُجادل السائق عندما يقرر من تلقاء نفسه أن يرفع الأجرة؟ لماذا كل تلك الترسنة الحديدية القبيحة في كل ميدان؟ ولماذا يُصر المشاة على القفز من فوقها ليعطوك انطباع أن القاهرة هي مدينة  لأبطال الوثب الطويل؟؟ أو يُصرّون على كسر قضيب أو إثنين مع عدم إغفال "تبطين" الحد العلوي بمجموعة من الخِرق، لتخفيف اصطدام الرأس بالحديد، كحَلّ عبقري للعبور الى الجهة الاخرى من الشارع!!!!

حالياً، وصلت لمرحلة أني أرى الكثير من الخلل والإهتزاز، مع وجود ثوابت راسخة نوعاً ما...
ألوان كثيرة مبهجة تم إطفائها، ليغلب اللون الرمادي تقريباً... مع وجود تطرف شديد أحياناً مُتمثلاً في الأبيض والأسود... 
إنسيابية مع التيار العام... مع وجود للمقاومة والثورة...
صفات عامة واضحة و صريحة... مع غموض وعدم تأكد من مدى صحة توقعاتك...
تمسك شديد بمشاعر وأفكار متوارثه، أو غير متوارثة... مع إهمال شديد لأفكار و مشاعر أخرى قد تكون أقرب "للفطرة"...
كل ذلك، قد يُكوّن الصورة الأولى... الصورة الأولى لقاهرة المُعز... اللى جدرانها شايله حكاوي من الزمن اللي فات...

حكاوي من الزمن اللي فات - الحياة في القاهرة
حكاوي من الزمن اللي فات - الحياة في القاهرة
إعدادات الكاميرا:
# Nikon D3100
# f/22, 1/5 sec, ISO-100, 18 mm focal length, no flash.   


هناك 4 تعليقات :

  1. ياسمين .. ربنا يكرمك .. بداية جميلة اوي

    ردحذف
  2. أشكرك يا ابتهال! ربنا يكرمنا جميعاً :)

    ردحذف
  3. رائع طرحك للفكر من خلال التساؤلات ومزج الحاضر بصورة الماضى وقدرتك على خلق حالة الارتباك اللى بتصنعها التساؤلات .. فعلا رائع

    ردحذف


Copyright © 2012 الحياة في القاهرة